سجلات هوس

الفصل 12: خائن؟

كان جلد ياسر يلمع من رطوبة البخار، وكانت المنشفة الملفوفة حول خصره تتدلى بشكل غير محكم، لتكشف عن تلميحات من بطنه المشدود. توقف للحظة، وارتدى قميص أبيض لؤلؤي جعل لون شعره البني الداكن يتألق.

قطع صوت ياسر الصارم الغرفة: – لم يحن وقت العشاء بعد. ظلت نظرة أمينة مثبتة على ياسمين وهي مستلقية على سرير ياسر بشكل استفزازي. ياسمين شعرت بالتوتر فتساءلت: ما الأمر؟

أمينة، وهي تقمع غضبها المتزايد، سارت عمداً نحو ياسمين. كانت لهجتها تبرد الجو: “انهضي”.

ياسمين، ابتسمت في البداية، شعرت بتغيير مفاجئ في الجو. ارتفعت ببطء ونظرت إلى أمينة بتحد. كانت عيون أمينة تحدق في عيني ياسمين، في تحدٍ صامت.

“من دعاك إلى هنا؟” كان صوت أمينة يحمل تحذيرا.

فقاطعها ياسر بلهجة هادئة ولكن حازمة: “كفى. يا أمينة”.

ظلت تعابير ياسر هادئة، ولكن لمعت في عينيه وميض من القلق. 

وبينما لاحظت ياسمين التوتر، ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيها، مستمتعةً بالدراما التي تتكشف أمامها. بدت الغرفة مشحونة بمشاعر لم تُحل بعد، وعلى وشك كشف الأسرار العالقة في الظل.

كان جسم ياسر السليم يتلألأ بقطرات الماء. مرر منشفة على شعره البني الحريري، وكان جو من اللامبالاة يحيط به.

فأجابت ياسمين متظاهرة بالبراءة، وهي مستلقية على السرير: “ياسر فعل ذلك، كنا نتذكر الماضي ولن اخرج”.

أمينة اقتربت من ياسمين بثبات ووضحت بنظرة فولاذية: “قلت قومي لا اخرجي”.

كانت الغرفة تعج بالتوتر بينما انخرطت أمينة وياسمين في معركة صامتة، حيث تمسك كل منهما بموقفه في هذه اللحظة المحفوفة بالمخاطر.

لاحظت ياسمين سلوك أمينة الثابت، وأحست بحدة الهواء. وبدت ثقة أمينة راسخة، وأشعلت شرارة التنافسية داخل ياسمين. عندما لاحظت وقفة أمينة وسلوكها الحازم، شعرت ياسمين بضغط داخلي لتأكيد نفسها والحفاظ على ما يشبه السيطرة.

وفي محاولة لتأكيد حضورها، قررت ياسمين أن ترقى إلى مستوى الحدث، عازمة على إظهار قوتها وجدارتها في عيون ياسر. أصبحت الغرفة ساحة معركة صامتة، حيث تتنقل المرأتان في هذه الديناميكيات، وكل منهما مدفوعة بدوافعها ورغباتها.

ياسمين، وهي تحاول إبراز منحنياتها، وقفت واضعة يدها على وركها، وأظهرت جواً من الثقة. لم تردع أمينة، واقتربت خطوة متعمدة، وكانت لغة جسدها تنضح بحدة هادئة ولكن واضحة. بحركة سريعة وغير متوقعة، وضعت أمينة يدها على فم ياسمين، وانحنت لتهمس بملاحظة قاطعة.

تمتمت أمينة، وكانت كلماتها تحمل نبرة مثيرة: “أقترح عليك أن تستحمي بعده مباشرة”. لم تستطع إلا أن تضحك بطريقة بدت وكأنها تثير أعصاب ياسمين.

اندلع غضب ياسمين بشكل واضح، بينما حافظت أمينة على هدوءها، مستمتعةً بالحرب النفسية التي بدأتها.

ياسمين، الغاضبة من تصرفات أمينة، رفعت يد أمينة بالقوة عن فمها، وعيناها مشتعلتان من السخط. تراجعت أمينة، دون رادع، خطوة إلى الوراء، وحافظت على مظهر هادئ بينما غطت أنفها وفمها بمهارة بكفها.

“كما هو متوقع”، أعلنت أمينة بصوت عالٍ، مخاطبة ياسر بنبرة خيبة الأمل. لكنها انحنت وهمست لياسمين وصوتها يقطر بسخرية: «يا لها من رائحة». تم همس الكلمات عمدا، مما أضاف طبقة إضافية من الازدراء إلى تبادلهما المتوتر بالفعل.

انسحبت أمينة بأناقة دون عناء، وتردد صدى كعبيها عبر الممر. كانت عينا ياسر تتابعانها في كل حركة، وكانت نقرة كعبها تخلق إيقاعًا بدا وكأنه يتحدى شدة اللحظة. وعندما وصلت إلى الباب، قطع صوت ياسر الهواء متسائلا عن رحيلها.

“إلى أين أنت ذاهبة؟” سأل ياسر، وكان في نبرته مزيج من الارتباك والقلق.

استندت أمينة على إطار الباب وابتسمت ابتسامة واثقة. “سأعود على الفور، لا تقلق. أنا فقط بحاجة لبعض الهواء النقي.” نظرت إلى ياسمين، وابتسمت ابتسامة مرحة، ثم حولت انتباهها مرة أخرى إلى ياسر، وأضافت غمزة. “من الأفضل أن تفتح هذه النوافذ عندما أعود.”

وبهذا غادرت الغرفة، تاركة ياسر يتصارع مع المشاعر المتضاربة التي أثارتها المرأتان في حياته.

وقف ياسر هناك، ممزقًا بين الوضع المحير في الغرفة ورحيل أمينة الساحر. وبينما كانت تبتعد، بدا أن كل تأرجح في خصرها والنقرة الإيقاعية لكعبها تترك أثراً في ذهن ياسر. كان هناك رضا خفي، ومتعة ملتوية في مشاهدة سلوكها الواثق، كما لو أنه وجد العزاء في الفوضى التي خلقتها.

ظلت نظراته معلقة على جسدها، والجذب المغناطيسي لرحيل أمينة. لم يستطع ياسر أن ينكر الرضا الغريب الذي شعر به عند مشاهدة أمينة وهي تتفاعل مع ياسمين. دون علمه، وجد نفسه مأسورًا برقصة العواطف المثيرة أمامه.

ضغطت أمينة بيديها على الجدار البارد، في محاولة يائسة لتثبيت نفسها. كان الهواء مليئًا بالخيانة، وكانت معدتها تتأرجح بمزيج من الاشمئزاز والحسرة. ارتجفت، وشعرت بإحساس عميق بعدم القيمة في تلك اللحظة. إن إدراك أن ياسر قد نكث بوعده، وتعامل مع حبيبته السابقة في مثل هذا الوضع الحميم، جعلها تترنح.

*وجهة نظر أمينة*

في اللحظة التي دخلت فيها غرفة النوم، توقف قلبي. كانت هناك، وقد أدارت ظهرها نحوي وهي تفتش في أدراج خطيبي. ارتجفت يدي بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وأصبحت رؤيتي غير واضحة، وخرجت أنفاسي في شهقات ممزقة. 

لم أكن أريد أن أصدق ما تراه عيناي، لكن لا يمكن إنكار ذلك: لقد كانت هنا، في غرفته، تلمس أغراضه. كان الأمر كما لو أن أحدهم لكمني في أمعائي، وسرق الهواء من رئتي.

وقفت هناك، متجمدًة في مكاني، أشاهدها كان الأمر كما لو كان لها كل الحق في أن تكون هناك، كما لو أنها تنتمي إليه في تلك اللحظة. لكنها لم تفعل؛ لا يمكنها أبدًا أن تحل محلي.

كان ثقل الموقف يثقل كاهلها، وشعرت بغصة تتشكل في حلقها. بدت كل خطوة تبتعد عنها من غرفة ياسر بمثابة تذكير مؤلم بثقتها المحطمة. أصداء حضور ياسمين الجريء، مع صمت ياسر، زادت من حدة شعورها بالضعف. كان الأمر كما لو أن الأرض تحتها قد انهارت، وتركتها واقفة وحيدة في فراغ من الاضطراب العاطفي.

تسارع قلب أمينة عندما رأت كريم في نهاية الممر الطويل، وكان شعره الأبيض كالثلج لا لبس فيه حتى من مسافة بعيدة. في تلك اللحظة من الاضطراب العاطفي، بدا وكأنه المرساة الوحيدة التي يمكنها الاعتماد عليها. تسارعت خطواتها حتى صارت تجري، وتردد صدى صوت كعبيها عبر الممر، وهو إيقاع من اليأس والإلحاح.

استدار كريم وهو يستشعر اقترابها، وفي اللحظة التي التقت فيها أعينهما، عرف الضيق الموجود في عينيها. وبدون كلمة واحدة، اعتذر عن الخادمات وسار نحوها بخفة. وصلت إليه أمينة، ومن دون تردد، ألقت بنفسها في حضنه المريح، تلتمس العزاء في ألفة حضوره.

ومن وجهة نظر كريم، لاحظ أن أمينة تقترب بمزيج من الارتياح والقلق محفور على وجهها المحمر. عندما لاحظ ابتسامتها، لم يستطع إلا أن يعيدها، مقدرًا الثقة التي وجدتها فيه. كان رد فعله سريعًا، وأشار إلى الخادمات لمنحهن مساحة، مدركًا أن كل ما دفعها للركض كان مهمًا.

قال بابتسامة لطيفة وهو يراقب خطواتها المتسارعة: “ببطء يا أمينة”. قلقًا بشأن سلامتها في ذلك الكعب العالي، قام بتسريع خطوته ليقابلها في منتصف الطريق، وبدأت غريزة الحماية لديه تسيطر عليه.

غرق قلب كريم عندما لمس الألم في عيني أمينة، وهو الألم الذي أصابه حتى النخاع. وبشكل غريزي، وضع كفه بلطف على خدها، وشعر بالدفء والرجفة تحت لمسته. عيناها، وبرك الضعف والدموع التي لم تذرف، نقلت نداءً صامتًا من أجل الراحة.

دون تردد، سمح لها بالإمساك بحافة قميصه، وكانت كلماتها تتردد بإلحاح “أخرجني من هنا”. “هيا” همس وهو يوجهها بعيدًا عن الممر، وموقفه الوقائي لا يتزعزع بينما كان يهدف إلى توفير العزاء في مواجهة محنتها.

انزلقت يد كريم بلطف، مثل نسيم مريح، ووصلت إلى خصر أمينة. كانت لمسته حازمة ولكن رقيقة، مما خلق شعوراً بالحماية والطمأنينة وسط العاصفة العاطفية التي أحاطت بها.

ترددت أمينة، وعيناها تومض من الخوف، ثم ابتعدت بلطف عن قبضة كريم، وهمست بـ “لا” بهدوء. كان القلق في عينيها يعكس الاضطراب الذي بداخلها، خوفًا من أن يخطئ ياسر في فهم الوضع ويؤدي إلى تفاقم الظروف المعقدة بالفعل.

خفت قبضة كريم على خصرها بينما استقرت أطراف أصابع أمينة على ذراعه. نظرت حولها، مزيج من الخوف وعدم اليقين في عينيها. رداً على ذلك، صر كريم على أسنانه، وكانت حدة نظرته تقطع التوتر. كان فكه مشدودًا مما يؤكد عزمه.

“هذا الوغد لا يمثل شيئًا بالنسبة لي”، أعلن، وكانت كلماته تحمل نبرة حماية شرسة. رقّت عينا أمينة، ووجدت الانتماء في صدق صوته، وفي تلك اللحظة شعرت بثقة عميقة في كريم.

كان رد كريم على نداء أمينة سريعا مثل الحجاب الواقي. كانت حركاته محسوبة ولكنها لطيفة، تشبه الكشف الدقيق لقطعة أثرية نادرة. انزلقت ذراعه القوية تحت ركبتيها، ورفعت ساقيها دون عناء، بينما لف ذراعه الأخرى حول ظهرها، مما خلق شرنقة آمنة. كان التحول الدقيق في التوازن أشبه بمايسترو يعزف سيمفونية دقيقة، ويضمن أن كل نغمة تعزف بشكل متناغم في هذا التصعيد غير المتوقع للعواطف. 

في حضن كريم الحامي، شعرت أمينة وكأنها بتلة هشة يحملها النسيم الثابت. ذراعيه، مثل أعمدة القوة، احتضنتها بسهولة. وبينما كان يرفعها، دفنت وجهها بين راحتيها وهي تكرر: “أنا آسفة”، مثل لحن يبحث عن الطمأنة في عاصفة العواطف. أصبح العالم ضبابيًا من حولها، واستسلمت للطريق المجهول الذي كان كريم يرشدها إليه. 

الخادمات، مثل المتفرجين الفضوليين، تهامسوا فيما بينهم، وخلقوا سيمفونية هادئة من التخمينات عندما شهدوا هذا الموكب غير المتوقع. ومع ذلك، كان سلوك كريم الحازم وكلماته المطمئنة قائلاً “أنت لم ترتكبي أي خطأ”. بمثابة درع ضد أعين المتطفلين والألسنة المزعجة.

عندما وصل كريم وأمينة إلى بوابة القصر، وقف أحمد، الذي كان قد انتهى للتو من تدريب كرة السلة، هناك في حالة من الرهبة. كشفت كرة السلة، المعلقة في منتصف الارتداد، عن التوقف المفاجئ في روتينه. كانت نظرة كريم الحادة وابتسامة أحمد الخبيثة تشكل اتفاقًا غير محدد.

اتسعت عيناه من الصدمة، لكنه آثر الصمت ممتصًا حدة نظرة كريم النارية المتوهجة بالنار والجحيم. كان ممسكًا بكرة السلة الخاصة به، وقال متأملًا: “لقد بدأت المتعة”، مدركًا العاصفة التي بدا أنها تختمر في القصر.

 وبدون أن ينطق بكلمة واحدة، قام أحمد برمي كرة السلة مرة أخرى، ترددت ضحكات أحمد في الفناء وهو ينظر إلى أمينة، وهو يسخر منها بملاحظة ماكرة: ” يا للمسكينة، أي وحش سيبتلعك أولاً؟” ظلت كلماته باقية، مما خلق توترًا غير مريح ممزوجًا بأصوات كرة السلة المرتدة المتلاشية.

الفصل 13: الطبق الرئيسي 

كريم، وهو يحمل أمينة بين ذراعيه، نقر على مفاتيح السيارة، فعاد المحرك إلى الحياة بصوت عالٍ وعنيف. أذهل الضجيج المفاجئ أمينة، وردًا على ذلك، قام كريم بسحبها إليه بشكل غريزي، وكانت قبضته وقائية ومطمئنة. كانت السيارة، وهي سيارة سيدان سوداء أنيقة، تنتظرهم مثل رفيق مخلص مستعد لإبعادهم عن القصر وشبكة العواطف المعقدة.

بدا أن الآلة القوية تحاكي شدة اللحظة التي بدأ فيها كريم، بنظرة حازمة في عينيه، بالسير نحو السيارة المنتظرة. كانت هذه لحظة محورية في رحلتهم، وكان كريم مستعدًا لتجاوز العاصفة برفقة أمينة.

*وجهة نظر أمينة*

من وجهة نظر أمينة، بينما كان كريم ممسكًا بها بأمان، كانت حواسها الجسدية والعاطفية غارقة في اندماج غير عادي. برأسها فوق قلب كريم، توقعت النبضات الإيقاعية التي عادة ما يتردد صداها في مثل هذا القرب. والغريب أن غياب تلك النبضات دفعها إلى وضع يديها على صدرها، لتشعر بإيقاع قلبها الثابت. خطر ببالها أن كريم قد يكون مصابًا بمرض ما في القلب، لكنها ترددت في الاستفسار، معتبرة أن الوقت غير مناسب لمثل هذا السؤال.

بنظرة جدية، وضع كريم أمينة بعناية في مقعد السيارة، وثبت حزام الأمان حولها. وعندما استقام، واجهها بسؤال مباشر: “هل تريدين مني أن أحل ما يحدث معك بالطريقة الصعبة أم بالطريقة السهلة؟”

ردت أمينة: “يمكنني حل ذلك بنفسي”. نقر كريم على رأسها بلطف وقال بابتسامة مطمئنة: “هذه هي العزيمة”.

عدّلت أمينة وضعية جلوسها في مقعد السيارة ونظرت إلى كريم الذي كان متكئاً على باب السيارة. فسألته: ألن تسألني ماذا يحدث؟ أجاب كريم وهو يضع يده في جيبه ويتصرف بهدوء: “لن أضغط عليك بفضولي في مثل هذا الموقف”. ابتسمت أمينة بكل بساطة، وأغلق الباب قبل أن يركب السيارة ويبتعد.

بينما كان كريم يناور بالسيارة نحو مبنى منعزل، ألقت أمينة نظرة عليه. ابتسامته، مثل شروق الشمس الخجول، تجنب الاتصال المباشر بالعين. عندما فُتحت البوابات بلطف، لتكشف عن جنة الأحلام، كشفت الطبيعة عن تحفتها الرومانسية. الحديقة كانت عبارة عن نسيج من الزهور، تعزف سيمفونية من الألوان، تمتزج مثل ضربات فرشاة الرسام على القماش. 

كان الهواء يحمل مزيج العطور الحلوة، ورقصة عطرية من نفحات الأزهار. أوراقها الرقيقة تهمس بالأسرار، مما يساهم في خلق أجواء سحرية. كانت الممرات، المصممة بشكل معقد، مثل الروايات التي تؤدي إلى قصص غير مروية في الزوايا المخفية. تسلل ضوء القمر عبر المظلة الخضراء، وداعب المشهد بعناق دافئ ورومانسي. لم تكن حديقة زهور فحسب، بل كانت حديقة أحلام ووعود هامسة.

أمينة، التي أذهلتها هذه الحديقة الساحرة، صرخت: “عجبًا، لمن هذه الجنة؟” وأجاب كريم بابتسامة فخورة: “لقد بنيت كل شيء بنفسي”. استغربت أمينة وتساءلت: “حقًا؟” أومأ برأسه قائلاً: “نعم، ولكن هذا هو سرنا الآن. هل اتفقنا؟” ابتسمت أمينة موافقةً على ذلك، مفتونة بالسر الذي يتشاركانه الآن في وسط ذلك الملاذ السحري.

فتح كريم، الذي أحس بفرحة أمينة، سقف السيارة، مما سمح لرائحة الزهور العطرة أن تتخلل الهواء. تحت السماء المضاءة بالنجوم، شهقت وقالت: “أنا حقًا أحب هذا”. كريم، وهو يبتسم، وصل إلى درج السيارة وأخرج قطعة شوكولاتة عالية الجودة، معتذرًا: “أنا آسف، هذا كل ما أملكه معي”.

أمينة، متأثرة بهذه اللفتة، كسرت قطعة من الشوكولاتة وأعطته إياها قائلة: “سأشاركك قطعة لأنه يبدو أنك لا تحب الحلويات. لقد لاحظت ذلك من قهوتك السوداء الخالية من السكر”. 

كان الليل ساكنًا، والسماء عبارة عن فراغ نيلي عميق مرصع بالنجوم المتلألئة. كان الهواء باردًا ومنعشًا ورائحة الأرض وأوراق الشجر تتكسر تحت الأقدام. كان قلبها يتسارع ترقبًا، لم تستطع إلا أن تشعر بمزيج من الخوف والإثارة يسري في عروقها.

في الجو الهادئ، محاطة برائحة الزهور وضوء القمر، كسرت أمينة، التي شعرت بالشبع، الصمت الساحر. قالت: “معذرة”، فأجاب كريم بسؤال: “هممم؟” وتابعت: هل لديك مناديل؟ أنا ممتلئة. وبقيت قطعة من الشوكولاتة في يديها، وبدأت تذوب بين أصابعها.

انحنى كريم، وبحركة بارعة أخذ الشوكولاتة الذائبة من أصابعها بأسنانه، دون أن يلمس أصابعها على الإطلاق. اتسعت عينا أمينة من الدهشة، ومزيج خفي من المفاجأة يلعب على ملامحها وهي تشاهد هذا التصرف المرح وغير المتوقع.

أجاب كريم: “أنا آسف، ليس لدي أي منها”، وردت أمينة بأدب: “لا بأس”. شعرت برغبتها في الاستكشاف، فسألته: “هل يمكنني التجول؟” أومأ كريم برأسه موافقاً على ذلك.

نزلت من السيارة، وخطواتها تسترشد بضوء القمر الناعم. كان الصمت يخيم على الحديقة وهي تتجول بين الزهور النابضة بالحياة، وتائهة في التأمل. يبدو أن القمر في الأعلى يشارك أسراره، ويلقي توهجًا لطيفًا على تعبيرها المتأملة.

ووسط جمال الحديقة المزدهر، انضم إليها كريم ووجه لها دعوة، “يمكنك أن تأتي إلى هنا وقتما شئت، ويمكنك حتى زراعة الزهور”. وأعربت أمينة عن ترددها واعترفت قائلة: “لكنني لا أعرف كيف، أخشى أن أفسد الأمر”. قال كريم بابتسامة مطمئنة: “أنا على استعداد لتعليمك إذا أردت”. أومأت برأسها تقديراً.

وبعد فترة طلبت أمينة: كريم، هل يمكنك إعادتي إلى القصر؟ فسألها مستغرباً: هل أنت متأكدة؟ وعادوا إلى السيارة، وخلال الرحلة قال كريم: “سأحترم اختياراتك، لكن عديني أنك ستخبرينني كلما احتجت إلى مساعدة”. ردت أمينة بكلمة “أعدك”.

عندما دخلت أمينة القصر، ترددت كلمات كريم في الهواء: “سأنتظرك هنا تحسبًا”. وأكدت له: “لا تقلق، أستطيع التعامل مع هذا”. التقت أعينهما، وساد بينهما تفاهم سري. وقالت: “أتمنى لك ليلة سعيدة يا كريم”. فأجاب بابتسامة لطيفة: “وأنت أيضاً يا أمينة”.

عندما اقتربت من باب ياسر، أحاط بها صمت القصر المخيف. الطرق مرتين لم يجلب أي رد.

عندما دخلت أمينة غرفة ياسر، لاحظت الصمت المخيف. كانت طاولة الطعام تفتقر إلى ترتيبها المعتاد، وتفتقد الكراسي والطعام والأطباق. مفتونة، اتخذت بضع خطوات إلى الداخل. وفجأة سُحب الباب من يدها، انغلق الباب خلفها فجأة، وأرسل صوت ياسر ارتعشات إلى عمودها الفقري، “الآن هذا ما نسميه الطبق الرئيسي”.

الفصل التالي: رواية رومانسية جدا وجريئة سجلات هوس الفصل 14-15