سجلات هوس

الفصل 8: عمران

في اليوم التالي، استقبلت أمينة بلمسة لطيفة من ضوء الشمس، وطلاءت غرفتها بألوان ذهبية. وجدت أشعة الشمس، مثل الراقصين المرحين، طريقها عبر الستائر، مما خلق أجواء دافئة ومريحة. استيقظت أمينة من نومها، وضوء الصباح الناعم يقنعها باحتضان اليوم الجديد.

عندما فتحت عينيها، بدا العالم من حولها يتوهج بحيوية هادئة. ساهم حفيف الستائر اللطيف وزقزقة الطيور في الخارج في سيمفونية صباح هادئ. لم تستطع أمينة إلا أن تبتسم، فجمال اللحظة يغسل بقايا قلق الليلة السابقة.

بدت الغرفة، التي يغمرها وهج الفجر الناعم، وكأنها ملاذ. تمددت أمينة بتكاسل، وشعرت بدفء ضوء الشمس وهو يقبل بشرتها. تفوح رائحة الزهور العذبة الرقيقة في الهواء، وهي شهادة على الجمال الذي يحيط بها.

ومع مرور كل لحظة، بدأت مخاوف أمينة تتلاشى، ويحل محلها شعور بالهدوء والوضوح. كان الصباح يحمل وعدًا ببداية جديدة، وعندما نهضت من سريرها، رحبت أمينة بيومها بأذرع مفتوحة.

تتبعت أصابعها الرقيقة شاشة هاتفها عندما فتحته، لتكشف عن سلسلة من الرسائل من ياسر. خفق قلبها عندما قرأت اعتذاره اللطيف، وكانت كلماته مليئة بالندم على التطفل في الليلة السابقة. لم تستطع أمينة إلا أن تعترف بصدق لهجته.

وبينما كانت تتصفح الرسائل، ظهرت كلمات ياسر مثل لحن رقيق، يعتذر فيها عن أفعاله ويؤكد لها أنه لم يكن ينوي أبدًا جعلها غير مرتاحة. كان للاعتذار صدى مع نقطة ضعف بدا أنها تسد الفجوة بينهما.

وجاء في رسالة ياسر: “أعلم أنني أبدو كشخص متسرع الانفعال، ولكن هناك عمل عاجل وكان علي الذهاب في رحلة عمل. تركت لك شيئًا صغيرًا للتعويض عن افعالي.”

ولكن وسط تعبيرات الندم الرقمية، لفتت رسالة معينة انتباه أمينة، وهي وعد بتقديم هدية أمام بابها. مفتونة، نهضت من سريرها، والفضول يوجه خطواتها وهي تتجه نحو مدخل غرفتها.

عندما فتحت الباب، اكتشفت أمينة صندوقًا مغلفًا بعناية ومزينًا بشريط بسيط. رفرف الترقب بداخلها عندما قامت بفك الهدية بلطف، وكشفت محتوياتها.

قامت أمينة بفك الشريط بدقة، لتكشف عن محتويات الصندوق المغلف بعناية. تدفقت أشعة الشمس الصباحية عبر النافذة، وألقت وهجًا دافئًا على الغرفة عندما رفعت الغطاء، وكشفت عن اعتذار ياسر في شكل رسالة مكتوبة بخط اليد.

حملت الرسالة الصدق والندم، ورق قلب أمينة عندما قرأت كلماته. وتحت الرسالة، كانت توجد مفاتيح، داخل طيات المناديل الورقية، وهو لغز زاد من فضولها. التقطتها أمينة بحذر شديد، وكان معدنها البارد يلامس أطراف أصابعها.

وتحت المفاتيح، ظهرت ملاحظة أخرى، كشفت النقاب عن اللغز بشكل أكبر. “لا أستطيع الانتظار حتى تعرفي ما الذي تفتحه هذه المفاتيح. طرأ أمر عاجل وكان علي السفر في رحلة عمل انتبهي لنفسك، وأنا سأعود قبل أن تدركي ذلك. — ياسر

كان كلماته صدى عميق، وتركت أمينة في حالة من الترقب. أضاف التحول غير المتوقع للأحداث طبقة من الغموض إلى يومها، ولم يكن بوسعها إلا أن تتساءل عن أهمية المفاتيح وما ينتظرها عند عودة ياسر.

احتضنت أمينة الصندوق بلطف بين ذراعيها، وارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها عندما شعرت بقوة اهتمام ياسر. كانت الدمعة التي فرت من عينها بمثابة شهادة على المشاعر التي تحركت بداخلها – مزيج من الامتنان وإدراك أنها لم تكن وحدها في متاهة الشكوك هذه.

عندما وضعت الصندوق جانباً، سمعت صوتاً مألوفاً: وصول رسالة نصية. أضاءت كلمات ياسر شاشة هاتفها، موضحة مدى إلحاح أفعاله. 

رد ياسر المرح: “لا، أنا لم أغادر لأني خجول أو شيء من هذا القبيل. أنا لست خجولًا على الإطلاق! إنها فقط أمور عاجلة يجب الاهتمام بها.”

ضحكت أمينة على محاولته التوضيح، وشعرت بالقلق الحقيقي في رسائله. لم تستطع مقاومة إغاظته في المقابل، فكتبت ردًا مرحًا: “بالتأكيد، يا سيد. ليس خجولًا. اعتني برحلة عملك العاجلة!” جلب هذا الحديث خفة إلى قلبها، واستراحة مرحب بها من الظلال التي ظلت باقية في أفكارها.

دخلت أمينة غرفة الطعام، حيث كان ديكورها فخم. استقبلتها رائحة القهوة الطازجة عندما وجدت مقعدًا على طاولة من خشب الماهوجني المصقول. كان ضوء الشمس يتدفق من خلال الستائر المزخرفة، ويلقي وهجًا دافئًا على الغرفة.

وشعرت أمينة، وهي تحتسي القهوة الغنية، بلحظة من الهدوء. بدت الكأس الخزفية رقيقة في يديها، ويبدو أن السطح الأملس للطاولة تحت أصابعها يعكس أجواء القصر الراقية. تلاعب نسيم لطيف بالستائر، وحدقت في الحديقة المشذبة، حيث تتفتح الزهور النابضة بالحياة في أنماط مرتبة بعناية.

وبينما كانت تجلس بمفردها، تعجبت من التناقض بين حياتها المتواضعة والعظمة المحيطة بها. كان صمت الغرفة يكسر أحيانًا بصوت ملعقتها اللطيف على الكوب، مما يخلق إيقاعًا يعكس التأمل الهادئ الذي يتكشف في ذهن أمينة.

دخلت السيدة فريد غرفة الطعام بجو من الفخامة، وكان حضورها يلفت الانتباه. نظرت أمينة للأعلى، وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة دافئة عندما استقبلت السيدة فريد. قالت أمينة وفي صوتها لمحة من الفضول: – صباح الخير يا سيدة فريد.

ردت السيدة فريد التحية برأسها، وتلألأت عيناها بإثارة خفية. أعلنت: “أمينة يا عزيزتي، حان وقت مفاجأتك”، وقد حملت نبرة صوتها مزيجاً من الغموض والبهجة. وتعمق فضول أمينة، وتبعت عيناها السيدة فريد بشعور من الترقب، تتساءل عما ينتظرها في الظرف الذي تحمله السيدة فريد.

ابتسمت السيدة فريد بحرارة لأمينة وقالت: “أمينة، عزيزتي، أعلم أنك مررت بالكثير. لقد شاهدناك تتغلبين على هذه التحديات بقوة ورشاقة. لذا، اعتقدت أنا وياسر أنه قد يكون وقتًا مناسبًا”. لكي تفكري في شيء جديد.”

نظرت أمينة مندهشة إلى محتويات الظرف واتسعت عيناها. وتابعت السيدة فريد: “إنه عرض عمل في شركتنا العائلية. نحن نؤمن بأن مهاراتك ومواهبك ستكون إضافة رائعة. خذي وقتك للتفكير في الأمر، لكننا اعتقدنا أنه قد يكون فرصة رائعة لك للبدء من جديد. “

تسارع قلب أمينة بمزيج من العواطف. امتنان ومفاجأة وبصيص أمل لبداية جديدة. وشكرت السيدة فريد بصدق، وكانت عيناها تعكسان شعوراً بالتقدير لما آلت إليه حياتها.

فتحت أمينة الظرف بفارغ الصبر لتجد عرض عمل رسمي. اتسعت عيناها وهي تقرأ عبارة: “مدير، أحدث فرع لشركة المنصور والفريد”. ملأها الامتنان، ونظرت إلى السيدة فريد بتقدير حقيقي.

وقالت أمينة بصوت يعكس حماستها الصادقة: “شكراً جزيلا لك سيدة فريد. أقبل العرض من كل قلبي”.

ابتسمت السيدة فريد بحرارة. “كنت أعلم أنك ستكونين مثالية لهذا الدور يا عزيزتي. نحن نقدر تفانيك. يمكنك أن تبدأي على الفور. سيأخذك السائق إلى الفرع الجديد. استعدي، واشعري وكأنك في منزلك.”

لمعت عيون أمينة بالفرح، وعبرت عن امتنانها مرة أخرى قبل أن تستأذن نفسها بسرعة للاستعداد لهذا التحول غير المتوقع ولكن المرحب به في حياتها.

تسارعت نبضات قلب أمينة عندما دخلت غرفتها، لتجد بدلة سوداء مرتبة بعناية وحقيبة جلدية أنيقة على سريرها. ورافقت المجموعة ملاحظة صغيرة تحمل خط يد ياسر: “كنت أتمنى أن أكون هناك لأراك ترتدينها”. لم تستطع أمينة إلا أن تبتسم عندما فكرت في ذلك، وشعرت بالدفء في صدرها.

لم تهدر أي وقت، وارتدت البدلة الأنيقة وأمنت الحقيبة الجلدية. بدت المادة غير مألوفة ولكنها قوية على بشرتها، وبينما كانت معجبة بنفسها في المرآة، غمرها شعور جديد بالثقة.

خرجت وتوجهت إلى السيارة التي كانت تنتظرها، حيث استقبلها السائق برأسه باحترام. كان الترقب لبدء دورها الجديد كمديرة لأحدث فرع لشركة المنصور والفريد يملأ الأجواء. استقرت أمينة في السيارة، وكان عقلها ينبض بالإثارة للرحلة المقبلة.

وصلت أمينة إلى فرع الشركة الفاخر، وهو عبارة عن هيكل أنيق وعصري يفوح بالنجاح. عندما دخلت إلى الداخل، كان الجو مليئًا بمزيج من الإثارة والفضول. لم يكن بوسع الموظفين، رجالًا ونساءً، إلا أن ينبهروا بجمال أمينة المذهل وسلوكها الواثق.

بدا أن كل خطوة تخطوها تلفت الانتباه، وتردد صدى نقرة كعبها العالي الأحمر عبر الفضاء المتطور. رفعت أمينة رأسها عالياً، وسارت بأناقة، وهي تشق طريقها عبر المكاتب المزدحمة. وتبعتها همسات من الإعجاب، لا تعترف بوجودها الجسدي فحسب، بل أيضًا بهالة القدرة والتصميم التي جلبتها معها.

عندما اقتربت من مكتبها الجديد، شعرت أمينة بمزيج من الفخر والمسؤولية. لقد وعد هذا الفصل من حياتها بالتحديات والفرص، وكانت مستعدة لاحتضانها.

عندما دخلت أمينة مكتب الشركة الأنيق، أحاط بها طنين الإنتاجية. استقبلها شاب وسيم، ذو شعر أبيض مصفف بعناية، وملامح جدية تبرز احترافه، وابتسامة رقيقة توحي بإمكانية التقرب إليه. كانت عينيه الرماديتين الداكنتين تنضحان بالثقة، كما أبرزت بدلته المصممة بشكل مثالي جسده الضخم.

أمينة، التي لفت انتباهها وجود الرجل للحظات، استقبلته بابتسامة دافئة. “صباح الخير، أنا أمينة، المديرة المعينة حديثًا.”

مدّ الشاب يده، وكانت قبضته ثابتة ولكن مرحبة. “تشرفت بلقائك يا أمينة. أنا كريم المنصور، مدير هنا. مرحباً بك في الفريق.”

وردت أمينة بالمصافحة، مشيرة إلى قوة قبضته. “شكرًا لك كريم. أنا هنا للتعلم والمساهمة. سأكون تحت رعايتك في التعامل مع كل شيء.”

تردد صدى صوت كريم العميق بثقة وهو يجيب: “أنت في أيد أمينة يا أمينة. لقد سمعت عنك أشياء مثيرة للإعجاب بالفعل. دعيني أرشدك وأعرفك على إيقاع عملياتنا. معًا، سنعمل على جعل هذا الفرع يزدهر.”

اتسعت عيون أمينة من المفاجأة عندما سمعت الاسم. “المنصور؟ هل أنت من أقرباء ياسر؟”

أومأ كريم بابتسامة دافئة. “نعم، إنه ابن عمي. هل تعرفه؟”

كان صوت أمينة يحمل مزيجاً من الفضول والإدراك. “نعم، أعرف ذلك. في الواقع، أنا… أنا خطيبته.”

تحول تعبير كريم إلى تعبير عن البهجة الحقيقية، وأضاءت عيناه. “حقا؟ هذا رائع! لقد أشاد ياسر بك”.

في تلك اللحظة، تبادلت أمينة وكريم النظرات التي تجاوزت الكلمات. لاحظت أمينة التشابه في ملامحهما، فرأت إصرار ياسر الجدي ينعكس في عيني كريم. وبدوره لاحظ كريم شرارة الصمود والرشاقة في أمينة التي طالما ذكرها ياسر.

وبينما كانوا يتابعون حديثهم، لم يكن بوسع أمينة وكريم إلا أن يلاحظا التفاصيل الدقيقة في لغة جسد كل منهما. رأت أمينة كيف تتجعد عينا كريم عندما يبتسم، وهي سمة عائلية عرفتها من ياسر. من ناحية أخرى، لاحظ كريم اتزان أمينة والطريقة التي تحمل بها نفسها، وهو انعكاس للقوة التي يمكن أن يفهمها الآن أنها أسرت ابن عمه.

وبينما كانوا يتجولون في المكاتب المزدحمة، لم يكن بوسع أمينة إلا أن تقدر طاقة الشركة التي أحاطت بها. وبدت توجيهات كريم وكأنها يد مطمئنة تقودها عبر تعقيدات دورها الجديد. كان الحوار بينهما بمثابة صدى لبداية التعاون، حيث تتشابك نقاط قوتهما لتشكل نجاح مشروع المنصور والفريد الجديد.

بدا أن الهواء من حولهم يتلألأ باتصالات غير معلنة. أمينة، خطيبة ياسر، وكريم، ابن عمه، وجدا نفسيهما يتنقلان بين توازن دقيق بين التاريخ المشترك والبدايات الجديدة. يشير الحوار الذي يتكشف واللغة غير المنطوقة بينهما إلى قصة تجاوزت إطار الشركة، وهي قصة علاقات متشابكة في الشبكة المعقدة للأحداث.

قاد كريم أمينة إلى مكتب واسع، تفوح منه رائحة الجلد الفخم وأصوات الإنتاجية الرقيقة. اتسعت عيون أمينة عندما لاحظت أن مكتبها موضوع بشكل انيق داخل مكتب كريم.

“لماذا مكتبي هنا؟” صرخت، مع تلميح من المفاجأة في صوتها.

قال كريم ضاحكًا: “اعتبريها دورة تدريبية مكثفة في ديناميكيات الشركة. أنت جديدة في هذا العالم، وأعتقد أنه سيكون من المفيد لك أن تتعلمي القواعد بشكل مباشر. بالإضافة إلى ذلك، سأكون مرشدك.”

ابتسمت أمينة بتقدير واستقرت على الكرسي الفخم. توجه كريم إلى مكتبه، وخلع سترته بكفاءة وارتدى نظارة أضافت لمسة من الجدية إلى سلوكه. لاحظت أمينة التحول، مشيرة إلى التحول من الصداقة الحميمة غير الرسمية إلى أجواء أكثر تركيزًا.

عاد كريم وفي يده دفترًا مجلدًا بالجلد. قال وهو يمسك بالدفتر: “خذي هذه”. “إنها دراستي الشخصية، المليئة بالرؤى والمعرفة المتراكمة على مر السنين. اعتبريها دورة تدريبية مكثفة مني.”

لمعت عيون أمينة بالامتنان عندما قبلت دفتر الملاحظات. “شكرًا لك يا كريم. أنا أقدر هذا أكثر مما تعلم.”

أومأ برأسه ببساطة، وابتسامة خفية على وجهه. أصبح جو المكتب بمثابة تبادل حميم للإرشاد والتعلم، حيث كانت أمينة تنقب في صفحات دفتر كريم، وتستوعب الحكمة التي سترشدها خلال تعقيدات رحلتها الجديدة في الشركة. 

بعد ثلاث ساعات مكثفة من التنقيب في أعماق دفتر كريم، مدت أمينة ذراعيها ورقبتها، وشعرت بسحب العضلات المُرضي للتخلص من التوتر. كان كريم منهمكًا في مكالمة هاتفية، واستند إلى مكتبه وأدار ظهره لها.

اغتنمت أمينة الفرصة للحصول على استراحة سريعة، وغادرت المكتب متجهة نحو الحمام. ترددت أصداء أروقة الشركة مع نقرة كعبها على الأرضية المصقولة. أثناء سيرها، سيطر عليها شعور بعدم الارتياح، إحساس بأن هناك من يتتبعها في كل خطوة.

توقفت فجأة، واستدارت، والتقت تعبيراتها المذهلة بقرب عمران. اتسعت عيون أمينة في مفاجأة، وتراجعت خطوة إلى الوراء.

“ما الذي تفعله هنا؟” صرخت بصوتٍ ممزوجٍ بمزيجٍ من الدهشة والحذر.

أجاب عمران بضحكة تهديدية: هل فوجئت؟

حاولت أمينة، التي تفاجأت، إخفاء دهشتها. “عمران، هذا مكان عمل. ماذا تفعل هنا؟”

كانت ابتسامة عمران غامضة، وعيناه الداكنتان تحملان بريقًا غامضًا. “فكرت في المرور لأرى كيف تستقر المديرة الجديدة. ياسر يشيد بها، كما تعلمون.”

أمينة، التي كانت لا تزال تفكر في هذا اللقاء غير المتوقع، أجابت بحذر: “حسنًا، لقد رأيت. والآن، إذا سمحت لي، فأنا بحاجة إلى العودة إلى العمل”.

استمرت ضحكة عمران وهو يراقبها وهي تبتعد، تاركة وراءها أثرًا من عدم اليقين في أعقاب ظهوره غير المتوقع. 

حركة عمران المفاجئة فاجأت أمينة عندما أمسك بسرعة بحاشية سترتها من ناحية الرقبة، وسحبها للأعلى قليلاً. وصل صوته، المنخفض الذي يشبه الهمس، إلى أذنيها: “سنرى بعضنا البعض كثيرًا”. أزال ذرة غبار غير موجودة عن كتفها بألفة مقلقة، وأضاف: “يجب أن نعتاد على هذا”.

وقبل أن تتمكن أمينة من الرد، قطع صوت كريم التوتر من الخلف: “من يقول ذلك؟”

ضحك عمران، وأطلق قبضته على سترة أمينة. “حسنًا، حسنًا، ليس من العدل أن تتحدوا علي”، قال وقد ارتسمت ابتسامة غير مبالية على شفتيه. وضع يديه في جيوب بنطاله، وابتعد، وهو يصفر لحنًا أضاف صدى غريبًا إلى الممر.

أمينة، التي تركت واقفة بمزيج من الارتباك والانزعاج، تبادلت نظرة مع كريم، الذي أشارت وقفته الوقائية إلى توتر غير خفي. 

اقترب كريم، الذي تعكس عيناه لمحة من الغضب، من أمينة بعد رحيل عمران. صوته، الهادئ لكن مع حدّة، قطع أثر اللقاء. “هل أزعجك؟”

شعرت أمينة بالامتنان لوجود كريم الذي يحميها، وهزت رأسها. – لا، إنه مجرد أحد معارفي القدامى يا كريم. لا داعي للقلق.

كانت نظرة كريم تحمل قلقًا طويلًا وهو يقيم رد فعل أمينة. تحدث بشكل مطمئن، “إذا تجاوز الحدود، فأخبريني. لا ينبغي عليك التعامل مع ذلك.”

ابتسمت أمينة بتقدير، وشعرت بالأمان. “شكرًا لك يا كريم. أنا سعيدة لأنك هنا.”

وبينما استأنفوا عودتهم إلى المكتب، أشار التفاهم الحديث بين أمينة وكريم إلى رابطة نشأت في مواجهة تحديات غير متوقعة.

مع حلول المساء، أخبر كريم أمينة عن اجتماع عمل وشيك يتطلب اهتمامه. وتبادلا الأرقام، وأكد لها: “لا تترددي في الاتصال بي إذا كنت بحاجة إلى أي مساعدة”.

سألت أمينة بابتسامة مازحة: “تساعدني في ماذا؟”

ضحك كريم متعجبًا من ثقتها بنفسها، وقال: ـ تعلمين عن وظيفتك الجديدة بالطبع.

أمينة، وهي تشعر بإحساس الإنجاز، أجابت بثقة: “حسنًا، لقد أوشكت على الانتهاء من دفتر الملاحظات”.

رفع كريم حاجبه متفاجئًا لكنه منبهر. “هذا مثير للإعجاب. إنه ما لا يقل عن ست سنوات من المعرفة.”

قالت أمينة مازحة: “لا يبدو لي طويلاً”.

ضحك كلاهما وتشكلت لحظة من الصداقة الحميمة بينهما. وأضاف كريم وهو ينظر إلى أمينة باحترام جديد: “سأختبرك لاحقًا”.

عندما بدأت أمينة بحزم أمتعتها، تردد صوت طرق باب في جميع أنحاء المكتب. استدارت مندهشة لتجد عمران عند الباب يحمل فنجانين من القهوة. صاح قائلاً: “لا يمكنك الذهاب بعد. نحن بحاجة إلى التحدث”.

ترددت أمينة، وقد بدا على وجهها مزيج من المفاجأة والحذر، قبل أن ترد: “لا أعتقد أن هناك شيئًا لنتحدث عنه يا عمران. لقد أنهيت يومي”.

تغير سلوك عمران، وظهرت في عينيه لمحة من الإصرار. “ثقي بي يا أمينة، هناك أمور أكثر مما تعتقدين للمناقشة. القهوة قد تساعد.”

أمينة، الفضولية والحذرة، قررت أن تستمتع بالمحادثة. أشارت نحو الكراسي قائلة: “حسنًا، دعنا نتحدث. لكن اجعل الأمر سريعًا.”

وأثناء جلوسهما، أصبح هواء المكتب مشحونًا بترقب محادثة غير متوقعة. 

أمينة، وهي تحتسي القهوة التي أحضرها عمران، لم تستطع إلا أن تشعر بالحنين عندما سألت: “عمران، لماذا تغيرت؟ لم تكن هكذا في الجامعة.”

انحنى عمران إلى الوراء، وتعبير يصعب فهمه على وجهه. “لقد تغيرت الأمور يا أمينة. الحياة تأخذ منعطفات غير متوقعة، ونحن نتكيف.”

رسم الفضول وجه أمينة وهي تتساءل أكثر: “ولكن ماذا حدث؟ لقد كنت مختلفا”.

ظلت عيون عمران عالقة في ذكرى بعيدة. تحول المشهد إلى ذكريات الماضي، إلى أيام الجامعة. أمينة، التي كانت مسرعة إلى الفصل، وصلت متأخرة وبدون ملاحظاتها. عندما لاحظ عمران محنتها، قدم ملاحظاته الخاصة دون تفكير آخر.

وفي الفلاش باك، سلم عمران لأمينة ملاحظاته قائلاً: “خذي هذه. يمكنك إعادتها لاحقًا”.

أمينة، ممتنة لهذا الفعل، تمكنت من توجيه كلمة “شكرًا” سريعًا قبل أن تسرع إلى قاعة المحاضرات.

ومع اقتراب يوم التخرج، كان عمران هو الشخص الأول والوحيد الذي هنأ أمينة. وسط فوضى الاحتفال، كان يبحث عنها، وابتسامة حقيقية على وجهه. “مبروك يا أمينة. أنت تستحقين كل نجاح.”

وبالعودة إلى الحاضر، اقتحم صوت عمران الذكريات: “لقد حدثت الحياة يا أمينة، كلنا نتطور، أليس كذلك؟”

أمينة، وهي تفكر في الماضي والحاضر، لا يسعها إلا أن تتساءل كيف ساهمت تقلبات الحياة في تشكيل عمران ليصبح الشخص الذي أصبح عليه. 

أمينة، التي شعرت بعدم الارتياح إزاء التحول غير المتوقع للأحداث، حذرت عمران بشدة: “عمران، أتمنى أن تبتعد عني لا تحاول أن تلعب بحياتي”. بدأت بحزم أمتعتها، في محاولة للابتعاد عن المواجهة المزعجة.

لكن عمران أمسك معصمها بقبضة قوية. حاولت أمينة، المتفاجئة، الابتعاد، لكنه أمسك بسرعة بقلم تحديد دائم من الطاولة، وفتحه بنقرة جذابة من أسنانه، وسحب حاشية ذراع سترتها. وبابتسامة متكلفة، كتب رقمه قائلاً: “اتصلي بي”.

أمينة، المذهولة من الرد، دفعته بعيدًا، لكن قوة عمران أبقتها في مكانها. لا ينضب، وانتهى به الأمر بكتابة اسمه بدلا من ذلك. وعندما ترك يدها أخيرًا، دفعت أمينة يده إلى الخلف، وكان الإحباط واضحًا في عينيها.

وأكدت: “أنت تنفرني”.

أجاب عمران، غير منزعج، بابتسامة متكلفة: “على العكس تمامًا بالنسبة لي يا آنسة”، وضحك، تاركًا أمينة واقفة هناك، ومزيج من التهيج وعدم التصديق على وجهها.

خرجت أمينة من الشركة بسرعة، وهي تسير بخطى حثيثة بتصميم يضاهي الغضب الذي يغلي داخلها. أصلحت شعرها وعدلت بدلتها، وكانت كل خطوة تعكس إحباطها.

وبينما كانت تجلس في السيارة، ظل التوتر واضحا. فكرت أمينة فيما إذا كانت ستتصل بياسر، وكانت مشاعرها مضطربة. في نهاية المطاف، قررت عدم القيام بذلك، حيث قام السائق بتوجيه السيارة نحو منزلها.

عند وصولها إلى أبواب القصر، استقبلت والدة ياسر أمينة بابتسامة دافئة. كانت والدة ياسر امرأة أنيقة، وبرز حضورها الملكي بكياستها الخالدة. كانت عيناها تحملان عمقًا من الحكمة، وكانت ملابسها تفوح بالرقي، مما كان انعكاسًا مثاليًا للجو الملكي داخل القصر. 

أمينة، على الرغم من أنها لا تزال غاضبة من اللقاء مع عمران، تمكنت من إلقاء تحية مهذبة، مقدرة الدفء المألوف الذي كانت والدة ياسر تقدمه دائمًا. انتقل المشهد إلى داخل القصر، في إشارة إلى الديناميكيات المعقدة التي تنتظر أمينة داخل أسواره الفخمة.

الفصل 9: رب الأسرة المستقبلي

أمينة، عندما رأت والدة ياسر عند أبواب القصر، أصلحت شعرها وعدلت ملابسها بشكل غريزي. وأغلقت المسافة بابتسامة كريمة، وحيت والدة ياسر، “مساء الخير يا سيدة بتول”.

ردت والدة ياسر التحية بحفاوة قائلة: “مساء الخير عزيزتي أمينة، كيف كان يومك؟”

وبينما كانوا يتجولون في حدائق القصر، انخرطوا في محادثة غير رسمية. أمينة، على الرغم من أنها لا تزال تحمل ثقل اللقاء السابق، وجدت العزاء في الحضور المألوف لوالدة ياسر. دارت المحادثة بين أحداث اليوم وخطط المساء، مما وفر ملاذًا مؤقتًا من التوترات التي ظلت قائمة خارج أسوار القصر.

بينما واصلت والدة أمينة وياسر تجولهما في حدائق القصر، اتخذ التحول في المحادثة منعطفًا غير متوقع. بدأت والدة ياسر بالحديث عن حبيبة ياسر السابقة، وأثنت على إنجازاتها كما لو أن أمينة أقل مقارنة بها إلى حد ما. ومع ذلك، ظلت أمينة غير منزعجة من المحاولة الخفية لتقويضها.

قدمت والدة ياسر دعوة قائلة: “لماذا لا نتناول القهوة والكعك معًا؟ ياسمين ستحب التعرف عليك”.

أمينة، حافظت على رباطة جأشها، وابتسمت بثقة وقبلت الدعوة. قالت والدة ياسر، على افتراض نجاح تكتيكاتها، “حسنًا، اعتقدت أنها ستكون زوجة ابني الآن.”

أمينة، التي رفضت التسامح مع أي عدم احترام، رفضت الدعوة بلباقة. وبابتسامة واثقة، فتحت أزرار بدلتها مثل رئيسة صلبة وابتعدت، تاركة والدة ياسر مع بيان صامت عن الاستقلال. 

انكشف المشهد مع تأكيد أمينة على كرامتها في مواجهة المحاولات الخفية للتقليل من قيمتها.

وبينما كانت أمينة تبتعد، فاجأ رحيلها الواثق والدة ياسر. تعبير عابر من المفاجأة وربما تلميح من الإدراك عبر وجهها. ترك رفض أمينة الاستسلام لتكتيكات التقويض انطباعًا لم تتوقعه والدة ياسر.

عندما شاهدت أمينة وهي تبتعد، تركت والدة ياسر تفكر في القوة والمرونة المنبعثة من المرأة التي أكدت للتو حدودها. بقي اتزان أمينة ورفضها للتقليل من شأنها في الهواء، متحدية الأفكار المسبقة التي ربما كانت لدى والدة ياسر.

في أعقاب رحيل أمينة، لم يكن بوسع والدة ياسر إلا أن تعيد تقييم المرأة التي وقفت أمامها. ألمح السرد المتكشف إلى تحول في الديناميكيات، حيث شقت أمينة طريقها برشاقة وتصميم، ورفضت أن تقاس بتوقعات شخص آخر.

كانت أمينة مترفة في حمامها، محاطة بفقاعات ذات رائحة حلوة، في محاولة للتخلص من التوتر الذي طال أمده طوال اليوم. وبينما كانت تفرك بشرتها، لاحظت أن رقم هاتف عمران لا يزال مرئيًا بشكل ضعيف على يدها. بحركة قوية، فركتها، كما لو كانت تحاول مسح الاتصال غير المرغوب فيه.

خرجت من الحمام لففت نفسها بمنشفة ناعمة وقطرات الماء تتساقط على جلدها. عندما بدأت بتجفيف شعرها، قطع رنين الرسائل الواردة المألوفة الأجواء الهادئة. أمينة، بدافع الفضول، فحصت هاتفها لتجد رسالة من كريم.

“أنا آسف للاتصال بك بعد العمل، ولكن أخشى أنك أخذت وثيقة خاصة بي معك عن طريق الخطأ، وأنا في حاجة إليها الآن.”

شعرت أمينة بالذنب، فاعتذرت وعرضت عليه إحضار الوثيقة إليه على الفور. أرسل لها كريم عنوان مقهى قريب، وقررت أمينة، رغم تأخر الساعة، أن تشق طريقها إلى هناك. بدأ المشهد بمزيج من التوتر والالتزام، في إشارة إلى المسارات المتشابكة التي ستسلكها أمينة في الفصول القادمة.

سارت أمينة في الشارع الجميل الذي وجهها إليه كريم، وكانت أضواء الشوارع الخافتة تلقي وهجًا دافئًا على الطريق المرصوف بالحصى. كان هواء الليل البارد يداعبها، وتشكل أنفاسها سحبًا صغيرًا في الجو المنعش. الأجواء الساحرة، على الرغم من البرد، خلقت مشهدا خلابا.

وعندما اقتربت من المقهى، رأت كريم واقفًا في الخارج حاملًا كوبين. عندما اقتربت منه، ناولها كوبًا من الشوكولاتة الساخنة، فشعرت بالدفء ينتشر بين راحتيها. وأوضح: “اعتقدت أنك قد تحتاجين إلى شيء يبقيك دافئة”.

تأثرت أمينة بتصرفه المتفهم، فأخذت رشفة وشكرته، وشعرت بالدفء المريح ليس فقط من الشوكولاتة الساخنة ولكن من الاهتمام الحقيقي.

وأوضحت أمينة في حديثهما: “أتمنى ألا تؤثر القهوة على نومك”.

أجاب كريم مبتسمًا: “لقد تناولت جرعة إسبريسو لنفسي. أريد أن أبقى مستيقظًا لوقت متأخر من الليل”.

شعرت أمينة، متأثرة باهتمامه، بالدفء في قلبها. وبينما كانا يقفان في البرد، يتبادلان الكلمات التي تتجاوز الغرض المباشر من اجتماعهما، سلمته أمينة الوثائق. 

ومع انتهاء اجتماعهما، افترق كريم وأمينة برأسهما بإشارة تقدير. راقبها كريم حتى وصلت إلى أبواب القصر، وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيه وهو يعترف بالقوة الهادئة التي تحملها.

وبمجرد دخولها القصر، استلقت أمينة على سريرها، وهي تفكر في أحداث اليوم. وجدت نفسها تبتسم لمحاولات والدة ياسر اختبارها، مقدرةً الرقص الدقيق لسياسة القصر.

عاقدة العزم على احتضان الأمسية، ارتدت أمينة فستانًا جميلاً ونزلت إلى منطقة تناول الطعام. ويبدو أن أجواء القصر بديكوره الفخم تكمل روحها. بينما جلست لتناول العشاء، استمرت ابتسامة أمينة في الإقرار الصامت بالتحديات التي واجهتها وتم التغلب عليها.

وبينما جلست أمينة للاستمتاع بعشاءها، وتذوق كل قضمة، انضم إليها أحمد، شقيق ياسر الأصغر، على الطاولة. جلس بجانبها و لمعة شريرة في عينيه.

“هل تشعر أنك في مزاج غير رسمي اليوم أم ماذا؟” قالت أمينة بسخرية، وابتسامة مرحة على وجهها.

أحمد، دون تردد، قرب طبقها منه وأخذ ملعقتها، وبدأ يأكل بها بمكر. تفاجأت أمينة ومدت يدها لتستعيد ملعقتها، لكن أحمد أمسك بيدها بسرعة، وتحول تعبيره إلى جدية أكبر.

تحول مزاحهم المرح بشكل مفاجئ عندما كان أحمد يحدق في أمينة بحدة غير متوقعة، وكان غضبه يغلي تحت السطح. أصبحت أجواء غرفة الطعام مشحونة بالتوتر، مما جعل أمينة تواجه مواجهة غير متوقعة مع أحمد، شقيق ياسر الأصغر. 

الفصل التالي : رواية رومانسية جدا وجريئة سجلات هوس الفصل 10-11

ملاحظة

القراء الأعزاء،

بينما تتعمق في الفصول القادمة، توقع رحلة مليئة بالتقلبات والتحديات والاتصالات غير المتوقعة. تستمر “سجلات هوس” في الكشف عن النسيج المعقد لحياة أمينة، حيث يشكل كل خيار ومواجهة مصيرها. احتضن التعقيدات، واستمتع بلحظات المرونة، وكن مستعدًا للتحولات غير المتوقعة التي تنتظرك.

قراءة سعيدة!

تحياتي الحارة