سجلات هوس

الفصل السادس: نسيج دافىء

في ممرات القصر المزدحمة، كانت هناك خادمة تنطلق مسرعة ذهابًا وإيابًا، وكانت خطواتها هادفة وفعالة. وكانت تحمل بين يديها بدلة سوداء مختارة بعناية، وكذا العديد من الملابس التي تشع بالأناقة والرقي. وبرشاقة، اقتربت من غرفة أمينة، وكان طرقها على الباب بالكاد مسموعًا.

أعلنت بهدوء: “الآنسة أمينة”، صوتها لحن لطيف يخترق سكون الغرفة.

استدارت أمينة، وكان تعبيرها مزيجًا من الفضول والخوف. لقد أمضت الساعات الأولى من الصباح ضائعة في متاهة من الأفكار، ولا يزال عقلها المحروم من النوم يتصارع مع الأحداث التي حدثت. وظل لقاء الليلة السابقة محفورا في ذاكرتها، وهو حضور مؤرق لم تستطع التخلص منه.

وبينما كانت الخادمة تمد البدلة، تحولت نظرة أمينة من القماش إلى المرأة التي أمامها. لم تكن عيون الخادمة تحمل أي حكم، ولا فكرة عن أحداث الليل. لقد كان ذلك بمثابة تذكير مطمئن بأنه وسط الظلال التي لاحت في الأفق، استمرت الحياة في المضي قدمًا.

وبإيماءة امتنان، قبلت أمينة الفستان والابتسامة الرقيقة التي رافقته. كان مجرد تغيير ملابسها إلى ملابس جديدة بمثابة خطوة نحو استعادة الشعور بالحياة الطبيعية، وهو درع ضد الظلام الذي ظل باقياً في أفكارها.

مرتدية الملابس المختارة لها، اتبعت أمينة خطوات الخادمة، وأخذتها خطواتها إلى غرفة الطعام الكبرى في القصر. كانت الغرفة، المزينة بديكور فاخر، تناقضًا صارخًا مع العاصفة التي اندلعت داخلها. لقد كانت شهادة على الثنائيات التي كانت تتعايش داخل أسوار هذا السكن المهيب.

جلست على رأس الطاولة السيدة فريد، امرأة رشيقة ورصينة، كان حضورها يلفت الانتباه. كانت ابتسامتها الدافئة تشع بإحساس من الترحيب، ودعوة صامتة لأمينة لتحل محلها. تسارع قلب أمينة وهي تقترب من الطاولة، وأعصابها تتشابك مع مزيج من الترقب والخوف.

– صباح الخير يا أمينة، استقبلت السيدة فريد، وكان صوتها يحمل ثقل اللطف الحقيقي. “أنا على ثقة أنك قضيت ليلة مريحة؟”

ردت أمينة الابتسامة، وقابلت نظرتها السيدة فريد بمزيج من الامتنان والاحترام. أجابت وقد كانت نبرتها مليئة بالصدق: ـ صباح الخير يا سيدة فريد. “نعم، كانت الليلة… مريحة.”

كان التبادل قصيرًا ولكنه مليء بالتفاهم غير المعلن. شعرت أمينة أن السيدة فريد كانت متناغمة مع ما هو أكثر من مجرد السطح، إذ يوجد تحت واجهة الكياسة علاقة تتجاوز الكلمات.

عندما استقرت أمينة في مقعدها، بدأ شعور بالصداقة الحميمة يزدهر بينهما. غرفة الطعام، التي كانت ذات يوم ساحة مهيبة، أصبحت الآن تبدو وكأنها مساحة حيث يمكن لروحين أن تجدا العزاء وسط الفوضى التي ألقتها الحياة في طريقهما. ومع كل لحظة تمر، وبينما كانوا يتبادلون الكلمات والقصص المشتركة، وجدت أمينة نفسها تخرج ببطء من شرنقة مخاوفها.

لم تكن تعلم أن هذا الارتباط المكتشف حديثًا سيكون بمثابة منارة ضوء في الظلام، وبصيص أمل في أنها لم تكن وحدها وسط التجارب والمحن. ومع تقدم الوجبة والضحك يملأ الهواء، بدأت أمينة ترى أنه داخل حدود قصر فريد، كان هناك ما يمكن كشفه أكثر من مجرد الظلال التي هددت باستهلاكها. 

لاحظت السيدة فريد، متناغمة مع سلوك أمينة الكئيب، ثقل عظمة القصر التي تؤثر على روحها. باهتمام حقيقي، اقترحت فترة راحة، يومًا لأمينة لتتخطى أسوار القصر وتستعيد جزءًا من نفسها. الشرط الوحيد: لاحقا هذا اليوم.

رسمت البهجة على وجه أمينة، وملأ الامتنان قلبها وهي تحتضن الحرية غير المتوقعة. شقت طريقها بسعادة إلى غرفتها، متخلصة من قيود الملابس الرسمية من أجل راحة الملابس غير الرسمية. تشبثت الأقمشة الناعمة بها، مرددة إحساسًا بالتحرر.

خرجت أمينة من الأبواب الخلفية للقصر، وغامرت بالدخول إلى المدينة خارج حدوده الفخمة. حملتها خطواتها إلى الشوارع المألوفة في حيها المتواضع. أدى التناقض بين روعة القصر وبساطة أصولها إلى خلق مزيج حلو ومر من المشاعر.

عند وصولها إلى منزلها المتواضع، شعرت أمينة بموجة من الحنين والألفة. همس الهواء في ملاذها الصغير بالحياة التي عرفتها من قبل. وهي مستلقية على سريرها، تفكر في الاختيارات التي أوصلتها إلى هذه النقطة، وتفكر في قرار الزواج من ياسر بدلاً من ابنة السيدة فريد.

في العزلة الهادئة في غرفتها، فكرت أمينة فيما إذا كان اختيارها نابعًا من رغبتها في تجربة حياة الرفاهية أم أنه في جوهره عمل من اللطف لتجنيب شخص آخر وطأة الزواج المدبر. الصراع بين العوالم التي تشغلها الآن، والعالم الذي تركته وراءها، كان يتراقص في زوايا عقلها.

ومع مرور اليوم، وجدت أمينة نفسها عالقة بين جاذبية عظمة القصر وأصالة جذورها المتواضعة. تردد صدى نبضات قلب المدينة مع أصداء ماضيها، مما أثار تساؤلات حول الهوية والخيارات والثمن الذي يدفعه المرء مقابل السعي وراء السعادة. لم تصبح الرحلة خارج القصر مجرد استكشاف جسدي، بل غوصًا عميقًا في أعماق روح أمينة.

بينما ظلت أمينة عالقة في ماضيها، تتنقل في خيوط أفكارها الدقيقة، أذهلها رؤية قطعة ورق مطوية عند المدخل. أثارها الفضول وعندما فتحتها لتكشف عن رسالة صادقة من سارة. الكلمات المحفورة بالقلق نقلت الحيرة التي كانت تسكن قلب سارة.

وأعربت سارة عن تخوفها، مشيرة إلى أنها لم تتمكن من الاتصال بأمينة هاتفيا، ولجأت إلى ترك هذه الملاحظة. وحملت الرسالة تهديدًا خفيًا، مع الإشارة إلى إشراك الشرطة إذا فشلت أمينة في الرد. لقد كانت شهادة على عمق صداقتهما، حيث تغلب قلق سارة على أي اعتبار للإزعاج.

شعرت أمينة، التي تأثرت بالاهتمام الحقيقي الذي انبعث من الرسالة، بمزيج من المشاعر. الامتنان لوجود مثل هذه الصديقة المهتمة، والشعور بالذنب لتسببها في القلق عن غير قصد. أثارت هذه الملاحظة إدراكًا أنه وسط ثراء القصر، ظلت بساطة العلاقات الحقيقية لا تقدر بثمن.

بعد أن شعرت أمينة بإحساس متجدد بالمسؤولية، قررت الاتصال بسارة وطمأنتها على سلامتها. ومع تطور المحادثة، أدى دفء صداقتهما إلى سد الفجوة بين العالمين اللذين أبحرت فيهما أمينة. أصبح اهتمام سارة الحقيقي بمثابة ضوء توجيهي، لتذكير أمينة بأنه على الرغم من تعقيدات حياتها الحالية، إلا أن روابط الصداقة الحقيقية استمرت.

ترددت أمينة للحظة قبل أن تتصل برقم سارة، وإبهامها يحوم فوق الشاشة. عندما رن جرس الهاتف، وتسلل همهمة المدينة البعيدة عبر النافذة، أجابت سارة على الطرف الآخر.

** سارة: ** مرحبا؟

**أمينة:** مرحبًا سارة، هذه أنا أمينة.

**سارة:** أمينة! ياإلهي أين كنت؟ لقد كنت قلقة جدا. لقد تركت ملاحظة لأنني لم أتمكن من الوصول إليك، واعتقدت أنه ربما حدث شيء ما.

**أمينة:** أنا آسفة يا سارة. لم أقصد أن أسبب لك القلق أنا فقط كنت بحاجة لبعض الوقت لوحدي.

**سارة:** لوحدك؟ ماذا حدث؟ هل كل شيء على ما يرام؟

**أمينة:** نعم، نعم، كل شيء على ما يرام. إنه فقط… أنت تعرفين كيف كانت الأمور في القصر. لاحظت السيدة فريد أنني أشعر بالإحباط بعض الشيء، فاقترحت عليّ أن آخذ يوم إجازة. لذلك أنا فعلت. خرجت لتصفية ذهني.

**سارة:** (مرتاحة) أوه، أمينة، لقد أخفتني للحظة. كان يجب أن تخبريني. لقد كنت خائفة أن شيئاً ما قد حدث لك.

**أمينة:** أنا أقدر اهتمامك حقًا. هذا يعني لي الكثير. أنا فقط بحاجة لبعض الوقت للتفكير، هل تعلمين؟

**سارة:** بالطبع، فهمت. لكن في المرة القادمة، على الأقل أرسلي لي رسالة نصية أو شيء من هذا القبيل. اعتقدت أنني سأضطر إلى تقديم تقرير عن شخص مفقود.

**أمينة:** (ضحكة مكتومة) أعدك أنني سأبقيك على اطلاع. شكرا لكونك صديقة جيدة، سارة. ملاحظتك جعلتني أدرك كم أنا محظوظة بوجودك.

**سارة:** (بحرارة) مرحبًا بك يا أمينة. الأصدقاء يبحثون عن بعضهم البعض. فقط تذكري، بغض النظر عن المكان الذي تأخذك إليه الحياة، فأنا هنا من أجلك.

**أمينة:** لن أنسى ذلك. دعينا نلتقي قريبا، حسنا؟

**سارة:** بالتأكيد. انتبهي يا أمينة.

عندما أغلقت أمينة الخط، غمرها شعور بالامتنان. وفي خضم حالة عدم اليقين، قدمت صداقة سارة التي لا تتزعزع مرساة مريحة، وتذكيرًا بأن الروابط الحقيقية يمكن أن تصمد أمام عواصف التغيير.

فلاش باك

عندما دخلت أمينة منزلها المتواضع، وهو ملاذ مألوف بدا وكأنه يوفر فترة راحة من تعقيدات حياة القصر. أحاطت بها رائحة الألفة المريحة وهي تغلق الباب خلفها، وتردد صدى نقرة متعمدة في الصمت. نظرت حول الغرفة وعيناها تتنقلان في كل زاوية كما لو كانت تضمن عزلتها.

أصبح قفل الباب أحد الطقوس، عبارة عن سلسلة من الحركات المتعمدة المصحوبة بنقرة وصوت ارتطام المفاتيح ببعضها البعض. لقد فحصته ليس مرة واحدة، ولا مرتين، بل عدة مرات، وكان الصوت المعدني مطمئنًا في نهايته. تلاشى العالم الخارجي وأصبح عديم الأهمية حيث خلق حاجز بابها المغلق شرنقة من الأمان.

مع كل نقرة على القفل، بدا أن طبقة من التوتر تتقشر. تنهدت أمينة، وثقل أحداث اليوم بدأ يرتفع ببطء وهي تبتعد عن المدخل. شقت طريقها إلى غرفة النوم، وهي مساحة صغيرة لكن شخصية لا يستطيع العالم الخارجي اختراقها.

في غرفة النوم، جلست على حافة السرير، تحركت يديها لتنزع جواربها. انزلق القماش، مما كشف عن ضعف قدميها – وهو عمل رمزي يتمثل في التخلص من الطبقات التي كانت تربطها بأحداث اليوم. بعد ذلك، جاء ارتداء بيجاماتها المريحة المفضلة، حيث احتضنها القماش الناعم مثل عناق مألوف.

نظرت إلى نفسها في المرآة، وكان انعكاسها يحدق بها يعكس مزيجًا من التعب والإصرار. ابتسمت أمينة للحظة من الثقة بالنفس قبل أن تضع نفسها في السرير. غطتها الملاءات القطنية بعناق لطيف يدعوها إلى النوم.

وبينما كانت مستلقية في الغرفة ذات الإضاءة الخافتة، بدأت أفكارها تتجول في متاهة علاقاتها. وظل سلوك عمران مع ياسر عالقا في ذهنها، لغزا مفقودا. ما الذي كان يلمح إليه؟ هل كانت علاقتهما أعمق من الصداقة أم أنها من نسج خيالها؟

كان حضور ياسر يلوح في ذهنها – متملكًا، وعدوانيًا في بعض الأحيان. أثارت أفعاله تساؤلات حول طبيعة علاقتهما. هل هذه هي الحياة التي اختارتها لنفسها، أم أن هناك حقيقة أعمق تحت واجهة القصر؟

الرجل المجهول، الذي أرسل القشعريرة إلى قلبها، أصبح لغزا في لوحة تأملها. تردد صدى تحذيره في ذهنها، وأثارت الألغاز المحيطة به مزيجًا من الخوف والانبهار. من هو وماذا كان يعرف عنها حتى أنها لم تكن على علم به؟

وبينما كانت أمينة تنجرف في عوالم النوم، وجدت نفسها عالقة بين خيوط هذه العلاقات المعقدة، وهي شبكة منسوجة بالشكوك والأسرار. غلفها الليل، عالم تتشابك فيه الأحلام والواقع، وبينما استسلمت للنوم، استمر عقلها في التنقل في تعقيدات الحب والخطر والمجهول.

وسط همسات الليل الخافتة، وجدت أمينة نفسها تنجرف إلى عالم الأحلام، عالم من الظلال والعواطف التي تتراقص على محيط وعيها. في شرنقة أحلامها، وقفت وحيدة في مكان مقفر وبارد، والهواء مثقل بقشعريرة مزعجة تسربت إلى عظامها.

وبينما كانت تغامر أكثر في الظلام، بدا أن قوة غير مرئية تدفعها إلى الخلف، وهي مقاومة لا هوادة فيها سعت إلى إبقائها محصورة داخل الفراغ البارد. كانت الرعشات تسري في جسدها، وكان البرد القمعي ملتصقًا بها مثل عناق خانق.

أصبحت حركاتها مرهقة، وضغط ثقل العزلة على كتفيها. وبينما هددها اليأس بالسيطرة عليها، استسلمت للمقاومة غير المرئية، وسقطت على الأرض الباردة تحتها. كان الظلام يلفها، قوة ملموسة هددت باستهلاك كل أثر للدفء.

ومع ذلك، في وسط هذا الخراب، ظهر شخص من الظلال. استلقى بجانبها رجل غامض، وكان حضوره دفئًا مفاجئًا يتحدى القبضة الجليدية للمناطق المحيطة بهم. ابتسامته الدافئة والمريحة تقطع البرد مثل منارة وحيدة.

تدريجيًا، بدأ الهواء البارد كأنه يذوب، وحل محله دفء لطيف ينبعث من هذا الشخص الغامض. كانت عيناه تحملان لطفًا يتردد صداه في الظلام، والبرد الذي كان ملتصقًا بجلد أمينة ذات يوم قد أفسح المجال الآن لراحة جديدة.

ومع تكشف الحلم، أصبح التناقض بين الهاوية الباردة والوحدة ودفء الرفقة بمثابة استعارة مؤثرة لتعقيدات حياة أمينة في اليقظة. ترك الحلم بصمة في عقلها الباطن، وهو صدى طويل يلمح إلى إمكانية الشعور بالدفء والعزاء وسط الشكوك التي تحيط بها.

وبينما كانت شمس ما بعد الظهيرة تمتد بظلالها عبر المدينة، خرجت أمينة إلى عالمها المألوف. كانت ترتدي سترة كبيرة الحجم وقبعة، وتتنقل في الشوارع المزدحمة، كمراقبة هادئة وسط الحشد. ظل دفء الحلم باقيًا، وتحولًا طفيفًا في عواطفها، قادها عبر السوق المألوف.

أثناء تنقلها في السوق بنظرة خاطفة، اختارت أمينة بعض العناصر، مستمتعةً بفكرة تناول وجبة مسائية بسيطة. أثارت رائحة طعام الشارع حواسها، ودعتها إلى الانغماس في متع الحياة الصغيرة. في ملابسها المجهولة، تحركت دون أن يلاحظها أحد، ووجدت لحظة من العزلة وسط البيئة المحيطة المفعمة بالحيوية.

ومع وجبتها المتواضعة في يدها، أعادت أمينة خطواتها نحو مسكنها المتواضع. رافقها الدفء، سواء من الحلم أو من مساعي اليوم، في الرحلة. عندما فتحت الباب ودخلت إلى ملاذ منزلها الهادئ، غمرها شعور بالامتنان. حملت الأمسية وعدًا بالعزلة والتأمل، ووفرت فترة راحة من التعقيدات التي كانت تنتظرها داخل أسوار القصر.

رن هاتف أمينة برسالة من ياسر يستفسر فيها عن مكان وجودها. نظرت إلى الشاشة، والكلمات عديدة، لكنها اختارت عدم الرد. كان لثقل أفكارها الأسبقية، وفي صمت مسكنها المتواضع، آثرت التأمل على الإجابات الفورية. وبحركة متعمدة، وضعت الهاتف جانبًا، مما سمح للأسئلة بالبقاء في الفراغ الرقمي.

اقترب ياسر، الذي كان يغذيه ترقب شديد، من غرفة أمينة، وطرقت مفاصل أصابعه بلطف على الباب. كان الصمت يقابله على الجانب الآخر. “سأدخل” أعلن وهو يفتح الباب. ولدهشته، استقبله الفراغ، حيث حول غياب أمينة الغرفة إلى فراغ من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها.

تسلل القلق إلى سلوك ياسر وهو ينادي على أمينة، وترددت أصداء صوته من على الجدران. وفي لقاء عابر مع خادمة، سعى للحصول على معلومات حول مكان وجود أمينة، لكنه قوبل بالرد المثبط الذي تركته في الصباح، دون ترك أي أثر لوجهتها.

ثاى هياج خفي داخل ياسر وهو يحاول قمع الرغبة التملكية للمطالبة بمزيد من التفاصيل. وفي محاولة للحفاظ على ما يشبه رباطة الجأش، أرسل رسالة إلى أمينة، حيث كانت أصابعه تنقر على المفاتيح بإلحاح يعكس أفكاره المتسارعة. ومع ذلك، مع مرور الوقت، ظلت رسالته دون إجابة، مما ترك ياسر على حافة الهاوية ووقع في فخ شبكة شكوكه. أصبح الجهاز الذي في يده مصدراً للأمل والإحباط، حيث تساءل لماذا كان صدى صمت أمينة أعلى من أي رد فعل.

كان ياسر يسير بفارغ الصبر في القصر. قوبلت محاولاته للوصول إلى أمينة بالصمت، وكان القلق المتزايد ينهشه.

**ياسر (يتمتم):** أين يمكن أن تكون؟

وقرر الاستفسار بين موظفي القصر، في محاولة يائسة للحصول على أي معلومات حول رحيل أمينة.

**ياسر:** هل رأيت أمينة؟

**الخادمة:** لقد غادرت هذا الصباح يا سيدي. لا أعرف أين ذهبت.

كان إحباط ياسر يغلي تحت السطح. لقد تمالك نفسه محاولًا إخفاء الرغبة التملكية التي شعر بها.

عندما عادت أمينة إلى الشوارع، شعرت بسحب غريب، كما لو كانت تقودها قوة غير مرئية للوراء وإذا بظهرها يصطدم بشخص ما. عاد الرجل الغامض إلى الظهور، وكان حضوره مريحًا ومقلقًا.

سحب الشخص المجهول أمينة إلى حضنه وهمس بجانب أذنها بخفة:

**الشخص المجهول:** لا تلتفتي! إنه أنا ودائما سأكون أليس كذلك؟

بخفة تركها واختفى وسط الحشد، وترك أمينة في حيرة من أمرها. أسرعت من خطاها، منتقلة بين الحرية التي شعرت بها وظلال ماضيها.

في الوقت نفسه، أمسك ياسر بهاتفه، وأرسل لأمينة رسالة تفصح عن مزيج من القلق والتملك.

**ياسر:** أين أنت؟ فلتجيبي.

رن هاتف أمينة، لكنها اختارت تجاهله، مما أدى إلى تفاقم التوتر بينهما.

ومع حلول مساء اليوم، أخفت المدينة أسرارها، وألمح لقاء أمينة مع الرجل الغامض إلى مصير متشابك مع تحولات غير متوقعة. وتفاقم التشويق، وترك كلاً من أمينة وياسر في طريقين منفصلين، يكتنفهما الغموض.

وأزهرت حديقة القصر تحت ضوء القمر، سيمفونية من الألوان والعطور حولت الفضاء إلى عالم سحري. بعد أن عادت أمينة من يوم الاستكشاف، وجدت عزاءها بين الأزهار والأضواء المتراقصة.

وفي زاوية منعزلة، كان ياسر ينتظر وصولها. كان الهواء مشحوناً بالترقب، وعندما رأى أمينة تقترب، لمع في عينيه مزيج من الارتياح والشوق. يبدو أن الحديقة تحبس أنفاسها عندما أغلقوا أعينهم.

** وجهة نظر ياسر: **

تسارع قلب ياسر عند رؤية أمينة. كانت تتنقل في الحديقة كالشبح، وحضورها كان مسكرًا. سلط الوهج الناعم للأضواء الضوء على صورتها الظلية، ولم يستطع إلا أن يتعجب من جمالها الأثيري. وعندما اقتربت منه، شعر بسحب مغناطيسي، وهي قوة تجاوزت الشكوك التي سيطرت عليه طوال اليوم.

** وجهة نظر أمينة: **

التقت نظرة أمينة بنظرة ياسر عبر الحديقة، وارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة. لا يمكن لجمال المناطق المحيطة أن يطغى على تعقيد العلاقة بينهما. عندما اقترب، شعرت بمزيج من المشاعر: الألفة، والشوق، وأثر من الضعف. وأصبحت الحديقة بأجوائها الساحرة شاهداً صامتاً على رقصتهم المعقدة.

أغلق ياسر المسافة بينهما، ولم تفارق عيناه عيني أمينة أبدًا. عندما وصل إليها، أمسك بكتفيها بلطف، في فعل كشف الكثير من المشاعر المخفية.

**ياسر:** (بهدوء) أين ذهبتي يا أمينة؟ كنت قلقا.

**أمينة:** (تواجه نظراته) كنت بحاجة لبعض الوقت لتصفية أفكاري.

خفت قبضة ياسر على كتفيها، في طمأنينة مفاجئة. أصبحت الحديقة، بأزهارها المتفتحة وألحانها الرقيقة، خلفية لمحادثتهما – فترة فاصلة دقيقة في نسيج علاقتهما المعقد.

**ياسر:** (مشيراً إلى الكراسي) هيا نجلس يا أمينة. أريد أن أفهم ما الذي يزعجك.

ترددت أمينة للحظة قبل أن تجلس. كانت الكراسي الأنيقة تحتضنهم في زاوية هادئة من الحديقة، ويحيط بهم عطر الأزهار.

** وجهة نظر ياسر: **

لاحظ ياسر تعبير أمينة الحذر، وميض الضعف في عينيها. أراد أن يجسر الهوة التي نشأت بينهما، ليكشف سر يومها. وظهر القلق على ملامحه وهو يتحدث.

**ياسر:** (بلطف) يا أمينة، تبدين ضائعة اليوم. هل كل شي على ما يرام؟

** وجهة نظر أمينة: **

شعرت أمينة بثقل هموم ياسر، وكان جزء منها يشتاق لمشاركته مخاوفها. ومع ذلك، كان هناك حاجز غير مرئي أعاقها. الليل، على الرغم من سحره، لم يتمكن من تبديد الظلال التي ظلت عالقة بداخلها.

**أمينة:** (أخذت حذرها) هناك الكثير مما يدور في ذهني يا ياسر.

**ياسر:** (يمد يده ويمسك أصابع يدها) يمكنك التحدث معي يا أمينة. أنا هنا من أجلك.

نظرت أمينة إلى أيديهما المتشابكة، حيث كان دفء لمسته يتناقض مع هواء الليل البارد. كان قلقه حقيقيًا، لكن الجدران المحيطة بقلبها ظلت شامخة. وأصبحت الحديقة بجمالها شاهدة على حديث مشحون بالحقائق المخفية.

** وجهة نظر أمينة: **

وبينما كان ياسر يتحدث، بدا القلق الحقيقي واضحًا على ملامحه، ولم تستطع أمينة أن تهز ذكرى تحذيرات الرجل الغامض. ترددت كلماته في ذهنها، محذرا إياها بثقة. سحبت يديها بعيدًا، وقد حلت قشعريرة مفاجئة محل دفء لمسة ياسر.

**أمينة:** (بهدوء) أقدر اهتمامك ياسر، لكني بحاجة لبعض الوقت بمفردي.

استأذنت أمينة، فخطواتها تحملها بعيداً عن الحديقة الساحرة. الجمال الذي أحاط بها لم يستطع أن يمحو الشعور المزعج الذي استقر بداخلها. كان هواء الليل يحمل ثقلًا لم تستطع التعبير عنه، ووجدت عزاءها في أروقة القصر الهادئة.

** وجهة نظر ياسر: **

عندما تراجعت أمينة، رقصت ومضة من الغضب في عيني ياسر. ضحك تحت أنفاسه، ولونت تسلية مظلمة أفكاره.

**ياسر:** (لنفسه) تمثلين أنك صعبة المنال، أليس كذلك؟ قد يكون هذا أكثر إثارة للاهتمام مما كنت أعتقد.

شاهد أمينة تختفي في الظل، وبريق ماكر في عينيه. كان الليل يحمل أسرارًا، ولم يستطع ياسر إلا أن يستمتع بالدراما التي تنكشف.

عندما عادت أمينة إلى غرفتها، استقبلها الخدم بابتسامات دافئة، معترفين بوجودها في القصر. وفي الطريق التقت بالسيدة فريد التي كانت تفوح منها هالة الأمومة.

**السّيدة. فريد:** أمينة حبيبتي كيف كان يومك؟

**أمينة:** (تبتسم) كان له لحظاته الهامة يا سيدة فريد.

**السّيدة. فريد:** (تربت على كتف أمينة) كما تعلمين، يمكنك دائمًا التحدث معي إذا كان هناك شيء يزعجك.

**أمينة:** (ممتنة) أقدر ذلك يا سيدة فريد.

وبينما ردت أمينة بالمثل على الاهتمام الذي أبدته السيدة فريد، لم يكن بوسعها إلا أن تستفسر عن صحة المرأة التي أصبحت دعامة للدعم.

**أمينة:** وكيف كان يومك يا سيدة فريد؟

**السّيدة. فريد:** (تبتسم) اوه، كما تعلمين، إدارة شؤون عائلتنا. ولكن يكفي عني يا عزيزتي. أنا مهتمة أكثر بكيفية صمودك. 

**أمينة:** (بصدق) أنا بخير، لكني أقدر اهتمامك. ماذا عنك؟ هل هناك أي شيء تريدينه؟

**السّيدة. فريد:** (ممتنة) لطفك يدفئ قلبي يا أمينة. أنا سعيدة لأنك هنا معنا.

لقد عكس تبادلهما علاقة حقيقية، وسلط الضوء على الصداقة المزدهرة بين أمينة والسيدة فريد.

لمحت السيدة فريد بوميض في عينها إلى مفاجأة تعدها لأمينة في اليوم التالي، تاركة أمينة في حيرة من أمرها وتتطلع إلى ما ينتظرها.

الفصل 7: نوايا غامضة

دخلت أمينة غرفتها، ورأت على مرآتها الكبيرة ملاحظة على مرآتها الكبيرة تقول “مبروك هذا رقم 1″، وما زالت تفكر في الرسالة ومن كتبها. أثار غموض الرسالة فضولها، وتسابقت أفكارها مع الاحتمالات. لم تستطع إلا أن تتساءل عما كان ينتظرها. بمزيج من الإثارة والحذر، قررت أن تنغمس في حمام مريح لتهدئة أعصابها.

قبل الدخول إلى الحمام، تجولت نظرة أمينة في جميع أنحاء الغرفة بحثًا عن أي كاميرات خفية، وموجة مفاجئة من العواطف والصدمة التي تجتاحها. قامت بفحص كل زاوية، وتفحص المناطق المحيطة كما لو كانت تتوقع عيونًا مخفية. يبدو أن الظلال تلعب الحيل عليها، ولم تستطع التخلص من شعورها بأنها مراقبة.

وأخيراً اقتنعت أمينة بأن خصوصيتها سليمة، فاقتربت من الحمام. كان الترقب واضحًا في الهواء عندما ملأت حوض الاستحمام بالماء الدافئ، وتردد صدى الصوت المهدئ في صمت الغرفة. ملأت رائحة اللافندر الهواء عندما أضافت بضع قطرات من الزيت العطري، مما خلق جوًا من الهدوء.

وبينما كانت تسترخي في أحضان الماء الدافئ، بدأ التوتر في كتفيها يتلاشى. الغرفة، المزينة الآن بالشموع الخافتة، تلقي وهجًا ناعمًا، وتلقي ظلالاً راقصة على الجدران. أغمضت أمينة عينيها، مما سمح للدفء أن يغلفها، مما يوفر لها فترة راحة قصيرة من التشويق الذي أحاط بحياتها.

احتضنتها المياه مثل عناق لطيف، وقطرات الصنبور الإيقاعية خلقت لحنًا هادئًا. فقدت أمينة الإحساس بالوقت، وتلاشت مخاوف العالم الخارجي في الخلفية. الحمام، الذي كان في يوم من الأيام مكانًا لعدم اليقين، تحول إلى ملاذ للسلام، ولو للحظة عابرة.

لم تكن تعلم أن هذه الفترة الفاصلة الهادئة كانت مجرد الهدوء الذي يسبق عاصفة المفاجآت التي كانت تنتظرها. لقد أدت هذه الرسالة الغامضة إلى إطلاق سلسلة من الأحداث التي من شأنها أن تنكشف وتكشف عن الشبكة المعقدة لمصيرها. وهكذا، في شرنقة الماء الدافئ، سمحت أمينة لنفسها بالانغماس في الهدوء، استعدادًا لكشف للشكوك التي تنتظرها.

في الغرفة ذات الإضاءة الخافتة، سار الرجل الغامض، الذي كان لا يزال محاطًا بجو من الغموض، بثقة. تلمع قطرات الماء على جسده العضلي وهو يلف منشفة على شعره المبلل. كان الجو هادئًا بشكل غريب عندما تلقى إشعارًا على هاتفه يخترق الصمت.

ركزت عيناه على الشاشة، وتسللت ابتسامة شريرة على وجهه وهو يراقب تحركات أمينة في غرفتها. أرسلت إثارة المطاردة الرعشات في جميع أطرافه. “هل تبحثين عني؟” همس لنفسه، والإثارة الشريرة في صوته.

عندما شهد قلقها الحقيقي ووجهها الملائكي، تدفقت من خلاله موجة من الحوافز السيكوباتية. على الرغم من رغباته الملتوية، وميض شعور غريب بالاحترام في عينيه. “سيدتي المسكينة قلقة. سأحترم خصوصيتك هذه المرة،” قال متأملاً، أفعاله محجوبة بمزيج خطير من الانبهار والتهديد. انطفأت الكاميرا الموجودة في الحمام، تاركا أمينة في شرنقة مؤقتة من الخصوصية. اختفى الرجل الغامض في الظل، تاركًا وراءه جوًا مقلقًا.

في الغرفة ذات الإضاءة الخافتة، كان لحضن الحمام الدافئ تأثيره السحري على أمينة، مما أدى إلى تهدئة حواسها. عندما انغمست في المياه المريحة، فقدت إحساسها بالوقت، وكانت الأجواء اللطيفة تحيط بها في هدوء. أدركت أنها لم تحضر معها تغييرًا للملابس، لكن منشفة كبيرة قدمت حلاً مؤقتًا.

عندما فتحت باب الحمام، اتسعت عيناها عندما رأت شخصًا مستلقيًا على سريرها. خرجت صرخة مكتومة من شفتيها وهي تتجه نحو الخزانة وتسحب فستانًا أبيض. كان الفستان، المصمم ليكون بسحاب من الخلف، بمثابة لحظة ضعف.

وفي صمت متوتر، شعرت أمينة بيدين على ظهرها. اجتاحها الذعر عندما حاولت الصراخ، لكنها قوبلت بإصبع ياسر على شفتيها، مما أسكتها. كانت عيونهم مغلقة، عينيها واسعة من الخوف، وعيناه بقوة غامضة. وتساءلت بصوت هامس: ماذا تفعل هنا؟ كان رده صامتًا “هل هذا يهم؟” تتردد في الهواء.

وصلت يدا ياسر الكبيرتان إلى السحاب، في حركة بطيئة ومتعمدة بدا أنها تتزامن مع دقات قلب أمينة. عندما اقترب منها، تم إغلاق الفستان في مكانه، بقي التوتر الحميم في الغرفة. ياسر، أغمض عينيه، استنشق رائحتها، وأفكاره تتصاعد إلى عالم من الرغبات الجامحة. كانت تلك اللحظة الهادئة تحمل طاقة مثيرة، مما جعل أمينة وياسر يدوران في رقصة من الترقب والحذر.

أمينة، وجنتاها مشتعلتان، رفعت رأسها ببطء، وسألته بصوت لطيف: “هل يمكنك الرجوع إلى الخلف، من فضلك؟” ياسر، ويداه ما زالتا عالقتين حول خصرها، ينشر أصابعه بملكية. نظرته الحادة مثبتة على عينيها، نظرة حادة تنقل أعماقًا غير معروفة، لكنه بقي صامتًا، حضورًا غامضًا في الجو المشحون. كان الهواء مثقلًا بالمشاعر الصامتة، مما ترك أمينة وياسر عالقين في توازن دقيق بين الرغبة وضبط النفس.

وحدثت زوبعة من الأفكار في ذهن ياسر. أخذ في الاعتبار الطلب، والنداء الصامت في عيني أمينة، والتوتر الذي ظل بينهما. أخيرًا، تحدث بصوت منخفض ومليئ بتلميح من الأذى، “هل تعتقدين أن هذا ممكن؟” علقت كلماته في أذنيها، تحديًا ودعوة، في كلمة واحدة، تاركة الغرفة محملة بالترقب والرغبات.

ارتعد صوت أمينة وهي تتحدث: “توقف، أنت تخيفني”. اصطدم الضعف في عينيها مع حدة نظرة ياسر. أصبحت الغرفة ساحة معركة للعواطف، صراعًا صامتًا بين الخوف والتيار الخفي لشيء لم تتمكن من تحديده تمامًا. تكثف الهواء بسبب التوتر، مما ترك أمينة عالقة في لحظة شعرت فيها بالكهرباء والقلق.

تعج الشكوك بعقل ياسر لأنه يعتقد أنها ربما غادرت القصر من أجل رجل آخر. شدد قبضته على ذراع أمينة قليلاً  ممسكا به خلف ظهرها وهو يسألها: “الآن أخبريني، أين كنت؟” انغلقت أعينهم في تبادل متوتر، وصراع إرادات صامت بينهما. بدت الغرفة وكأنها ساحة معركة، حيث تكشف كل كلمة وإيماءة عن تعقيدات علاقتهما.

كان على وجه أمينة الارتباك، وقد عقدت حواجبها وهي تهتف بصمت بعينيها المعبرتين، متسائلة عن شدة قبضة ياسر والتهمة في كلماته. وبقي نداء الفهم الصامت في نظرتها، عالقة بين الخوف من تملّكه والحاجة إلى توضيح الحقيقة.

استجابت أمينة، التي شعرت بالضغط المتزايد على ذراعها، بمزيج من الإحباط والتصميم. “اعتقدت أنني أخبرتك أنني بحاجة لبعض الوقت بمفردي،” أصرت، وكان صوتها يحمل لمحة من التحدي. شددت قبضة ياسر وقربها منها وتساءل: هل تعتقدين أن هذا سبب كافي؟

“لماذا لا يكون؟” ردت أمينة وهي تحاول الحفاظ على شعورها بالاستقلالية رغم القرب. شددت قبضة ياسر أكثر وسحبها أقرب إليه، وكانت كلماته تحمل مسحة قاتمة. “لا أعتقد أن ما تقولينه حقيقي، ولدي طرقي لاستخلاص الحقيقة من هذا الفم الجميل. هل تودين تجربتها؟”

اشتد التوتر في الهواء عندما واجهت أمينة هذا الاقتراح المثير للقلق، وكانت عيناها تعكسان مزيجًا من الإصرار والخوف.

أمينة، وهي تشعر بتصاعد التوتر، أبعدت نظرها عن ياسر وأغلقت شفتيها بقوة. وانتهز ياسر الفرصة ودفن وجهه في رقبتها، وزاد صمته من حدة الأجواء. ارتجفت، والانزعاج واضح في صوتها وهي تتكلم: “ياسر، ما بك؟ أنا لا أحب هذا!”

كان رده المكتوم على رقبتها يشير إلى مزيج معقد من المشاعر. تمتم قائلاً: “واحد منا على الأقل يحبه”. حاولت أمينة، التي شعرت بعدم الارتياح بشكل متزايد، التوصل إلى حل وسط، “حسنًا، سأخبرك. هل يمكنك تركي أولًا؟” أجاب ياسر، وهو متمسك بقبضته، بشيء من الشك: “يعتمد الأمر على ما إذا كانت إجابتك سترضيني، وأشك في أن أي شيء سيرضيني حاليًا”.

ابتعد ياسر بحذر عن رقبة أمينة، وحملت عيون ياسر تعبيرًا مذهولًا عندما أصبح أكثر ليونة معها، والإحساس بالحرارة العالقة على بشرة رقبتها. أمينة، التي شعرت بهذا التحول، تحدثت بهدوء: “أنا آسفة. لم أكن أراعي مشاعرك.”

فنظر إليها ياسر بمزيج من الحيرة والإحباط، وتساءل: ماذا يعني ذلك؟ تسارعت أفكاره، معتقدًا أن الأمر قد يتعلق برجل آخر، مما تسبب في تسخين جسده أكثر مما هو عليه. وضعت أمينة، بشكل غير متوقع، رأسها على صدره، وفاجأته. كان يرتجف، غير قادر على احتواء عواطفه، وهمست: “أنا آسفة. لقد شعرت بالضغط لأنني لم أكن كافيًة بالنسبة لك”.

رداً على ذلك، أطلق ياسر يديها، وربت على رأسها بلطف ورفع ذقنها لمواجهته. قال: “انظري إليّ”، وقد ظهرت مجموعة معقدة من المشاعر في عينيه.

نظر ياسر إلى أمينة وعلى شفتيه ابتسامة باهتة. أدارها بلطف، حتى أصبح ظهرها يواجهه، ثم تراجع بضع خطوات إلى الوراء، وفتح باب غرفتها. وبينما كان يمشي بعيدًا، وضع يديه على صدره، وشعر بقلبه ينبض بسرعة لا يمكن السيطرة عليها. أصبحت ابتسامته أكبر، وظل مزيج من الارتياح والارتباك والدفء من الذي عاشه حديثًا على وجهه.

الفصل التالي: رواية رومانسية جدا وجريئة سجلات هوس الفصل 8-9

ملاحظة

القراء الأعزاء،

شكرًا لانضمامكم إلينا في هذه الرحلة عبر أحدث فصول قصتنا. حضوركم ومشاركتكم يعني الكثير بالنسبة لنا. نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بالتقلبات والمنعطفات التي تنكشف في هذه الحبكة.

نحن نحب أن نسمع أفكاركم! ما هي انطباعاتكم عن التطورات الأخيرة؟ هل هناك لحظات معينة لفتت انتباهكم أو شخصيات تجدونها مثيرة للاهتمام؟ تعليقاتك لا تقدر بثمن، وتساعد في تشكيل السرد ونحن نمضي قدمًا.

لا تتردد في مشاركة أفكارك أو أسئلتك أو أي اقتراحات قد تكون لديك. أصواتكم تساهم في ثراء هذه الحكاية.

قراءة سعيدة!